يجعل المرء لحياته معنى عندما يتجاوز ذاتَه في حياته .. يجعل لحياته معنى عندما يدرك أن حياته ستنتهي يوما ما، وهو لذلك يعمل على ترك شيء منه وأثر يبقى بعده (الخلود أو الإرث).
كل أحد في الدنيا يبحث عن الخلود بطريقةٍ أو بأخرى، أقلهم حظا وعقلا هو من يبحث عن خلود ذاته بالتمسك بمال أو جاه أو سلطان. وأوفرهم عقلا وأكثرهم حكمة هو من يبحث عن الخلود بترك شيء منه يتعداه ويتجاوز مرحلة حياته .. واقرأ أخبار من بنوا دولا ومستعمرات كيف يخططون لأزمنة لا يظنون أنهم يدركونها (يُذكر مثلا أن اليهود كانوا يخططون لإقامة دولتهم قبل خمسين سنة من قيامها، وأن إليعزر بن يهودا قد عمل على إحياء اللغة العبرية بعد أن كانت ميتة لما يقارب الألفي عام قبل سبعين سنة من قيام دولة الاحتلال اليهودية في فلسطين)، وانظر فيمن يضع خططا خمسينية لشركته وهو قد جاوز الستين من العمر …
أما نحن .. فقد منّ الله عز وجل علينا بالإسلام الذي هو أصل المعنى وغايته، والذي يركز في كل ما يدعو إليه على المعنى.
بدأ الإسلام أصلا بمعنى لا إله إلا الله، فقد وعد رسول الله ﷺ قريش أنهم لو قالوا هذه الكلمة، هذه الكلمة فقط؛ لملكوا العرب ولدانت لهم بها العجم، لأن قوة الكلمة ليست في طولها أو تعقيدها وإنما في معناها.
والعجيب أنك لا تحتاج إلى أن تعمل في مشروع ضخم واسع الامتداد حتى تستشعر المعنى في حياتك، بل إن النية في أبسط الأعمال اليومية تجعل معناها عظيما. نذكر مثلا عندما مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فرأى أصحاب رسول الله ﷺ من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وسلم: “إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان”
ظهر اهتمام الإسلام بالمعنى في سائر شؤون المسلمين وكافة مظاهر الحياة، ابتداء بالدائرة الشخصية التي تتمثل بالنية وانتهاء بأوسع دوائر العمران والسلطان في البلاد، حتى أنك تعجب حين تزور متحف اللوفر وتمر على التحف والفنون الأوروبية لتجد أنها تعبر عن الكثير من البذخ الفاحش. ثم تدلف قسم الفنون والتحف الإسلامية فتتفاجأ بأن أول ما تشاهده هو الأدوات الحربية السيف والرمح والخوذة والدرع! و تتمشى في بقية القسم على هذا المنوال فلا ترى إلا ما له فائدة في حياة الناس مثل الأواني وصناديق الزينة والأمشاط والمرايا أو النوافذ والشرفات الخشبية (الرواشين). وكذلك ترى في عجائب غرناطة المعمارية التي يكتمل جمال شكلها بجمال وظيفتها. ويبدو أنه من تقدير الله عز وجل بأن يفقد المسلمون المعنى من بعض الأساسيات شيئا فشيئا مع الزمن، ولذلك كره رسول الله صلى الله عليه وسلم زخرفة المساجد وتحلية المصاحف، لأن قيمة المسجد هو وظيفته لا شكله، وكذلك القرآن.
لماذا نهتم بالمعنى؟
عادة ما يكون أصحاب الهمة والطموح العالي أشد حرصا من غيرهم على البحث عن المعنى في حايتهم، إلا أن هناك دافعا مهما ذا قيمة كبيرة في حياة كل مسلم تجعله يحرص على الاهتمام بالمعنى، وهو تحمل البلاءات والأعباء والضغوط النفسية في الحياة!
كيف ذلك؟
لن تجد في أيامنا هذه أكثر من المقالات والمقاطع التي تتحدث عن الطرق والنصائح والوصفات للتغلب على القلق والضغوطات النفسية والتوتر …
وعندما ترجع إلى السيرة النبوية لمحاولة إجابة هذا التساؤل: هل كان في ذلك العهد الكريم ضغوطات وقلق وتوتر يشبه ما نحن فيه؟ وإذا كان كذلك فكيف تعاملوا معها؟
فستجد أنك لو أتيت بكل ما تعرض له رسول الله ﷺ وأصحابه من بعده في وقت قصير من حياتهم وأسقطته على شخص يعيش معنا لكان كفيلا بأن تجعل من هذا الشخص مصابا بأعتى أنواع القلق والتوتر والضغوطات، فقد اجتمع على رسول الله ﷺ وحده: وفاة أحب الناس إليه أمه وجده وعمه حمزة وزوجته خديجة ثم أولاده الذكور رضي الله عنهم. واعتداء عشيرته وقرابته عليه بالأذى والشتم والضرب والحصار، والأذى في الغزوات. إلا أنه كان مع ذلك في غاية الاطمئنان والسكينة. وقد كان كذلك الصحابة رضوان الله عليهم، فهو أمر يستطيعه غير الأنبياء المؤيدين.
وما علاقة كل هذا بالمعنى في الحياة؟
علاقته أيها القارئ العزيز أن القوم عندما عرفوا حقيقة معنى الحياة وحقيقة معنى الرسالة التي يعملون لأجلها هانت عليهم الحياة بما فيها بل هانت عليهم نفوسهم، فمثلما يتحمل السهر والتعب والإرهاق من لديه اختبار صعب أو من يعمل في وظيفة أو مشروع ينهكه ولكنه مؤمن به، كذلك فعلوا ولكن على مستوى الحياة. وأذكر هنا نصا لسعيد النورسي – بتصرف بسيط – مقتبس من رسائل النور التي كتبها في مواطن عدة بين المنفى السجن والجهاد يقول فيه: “تأمل في حال ذلك الشخص إذا كان على الصراط المستقيم واستضاء وجدانه وروحه بنور الإيمان، كيف يكون إذا وضع قدمه وفتح عينيه فرأى تهاجم العاديات والمصائب، ثم يرى “نقطة استناد” يستند إليها في مقابلة تلك العاديات والمصائب؛ وهي معرفة الصانع، فيستريح. ثم إذا فتش عن استعداداته وآماله الممتدة إلى الأبد – طموحه وأحلامه – يرى “نقطة استمداد” يستمد منها آماله وتتشرب منها ماء الحياة وهي معرفة السعادة الأبدية. وإذ يرفع رأسه وينظر في الكائنات يستأنس بكل شيء ويجتني عيناه من كل زهرة أنسية وتحبّبا، ويرى في حركات الأجرام حكمة خالقها ويتنزه بسيرها وينظر نظر العبرة والتفكر. كأن الشمس تناديه: أيها الأخ! لا تتوحش مني فمرحبا بقدومك! نحن كلانا خادمان لذاتٍ واحد مطيعان لأمره. والقمر والنجوم والبحر وأخواتها كلٌ منها بلسانه الخاص: أهلا وسهلا، أما تعرفنا؟ كلنا مشغولون بخدمة مالكك فلا تضجر ولا تتوحش ولا تخف من تهديد البلايا بنعراتها، فإن لجام كلٍ بيد خالقك” وهو نص بديع متعمق في استشعار معاني الحياة والعيش معها …
ويمكننا نحن – على مستوى الدائرة الضيقة – أن نستفيد من استشعارنا لهذا المعنى بالتقوي والاستعانة على نوائب الدهر ومصائب الدنيا وتجاوز التجارب الفاشلة التي تغدو وسائل لغايتك في تحقيق المعنى من حياتك، وذلك بالالتفات لمعنى زوالها والالتفات لمعاني التفاصيل الدقيقة التي تجعل لأعمالنا الصغيرة قيمة كبيرة تتجاوز الحياة، مثل استشعار أن التبسم في وجه أخيك صدقة، واستشعار أن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله إلى قلب مسلم، واستشعار أن إماطة الأذى عن الطريق إحدى شعب الإيمان، واستشعار أنك في سعيك للرزق على نفسك وعيالك وأهلك (إذا كان المعنى حاضرا في نيتك) فهو جهاد في سبيل الله … إلى آخر ذلك والقائمة تطول!
هل هناك ما يمكننا به توسيع هذه الدائرة؟
بالتأكيد، عندما تكون لدينا رسالة نقدمها في كل ما نعمل ونتقن، نكون من أصحاب المعنى
أنت ماهر في الخطابة؟ أوصل رسالتك
صوتك جميل؟ أوصل رسالتك
قلمك فصيح؟ أوصل رسالتك
تجارتك مجدودة؟ أوصل رسالتك
ماهر في تكوين العلاقات؟ أوصل رسالتك
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سبهللا، لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة”
كلمات من ذهب ولو كان اقدر ان افعل عندي ارادة اني افعل كل شيء لكني مكبلة كوني امرأة والدوافع المادية . عندي ثقة في الله انه سيسر لي الطريق لكن قبل كل يسر عسر وهذا الي انا فيه الحمد الله ولكن مو كل شيء يأتي بالسهل لازم كون شخص عندو نفس وقوه ارادة مهمي كان جنس لكن كإمرأة متعلمة واخذ اختصاص رجالي وتسعي الي تقدم اكثر ليس هدفها زواج فقط تواجه كثير من المصاعب عائليا ومجتمعيا وووو رغم ان عمري 26 متحصلة علي شهادة استاذيية في العلوم الإعلامية المطبقة في التصرف وشهادة مهندسة في علوم اعلامية اصارع لكي انهي الدكتورا لكن اهلي مو موافقين لاني كبرت اسعى لاشياء بالية عندهم اههه لو كان بيدي حيلة